هل تؤيد مقولة أن الأم تستطيع تربية أولادها لوحدها ؟

دعم المناهج

مشرف الاقسام التعليمية
طاقم الإدارة

هل تؤيد مقولة أن الأم تستطيع تربية أولادها لوحدها ؟​


هل تؤيد مقولة أن الأم تستطيع تربية أولادها لوحدها ؟

هل تؤيد مقولة أن الأم تستطيع تربية أولادها لوحدها ؟

في الثالثة عشر من عمري، فقدت والدي بشكل مفاجئ أثر تعرضه لأزمة قلبية أودت بحياته على الفور، لتبدأ رحلة والدتي في القيام بدوري الأب والأم، وما أصعبها من مهمة رعاية 4 أطفال صغار لم يتجاوز أكبرهم سن الثالثة عشر.

لقد واجهت والدتي الكثير من أجل التوفيق بين وعايتنا وتربيتنا أحسن تربية، وبين الإنفاق علينا وتوفير كل ما يلزمنا من احتياجات، فبعد سنين عديدة من عدم عملها، اضطرت تحت الظروف الجديدة للعمل كمدرسة للانفاق علينا، وبعد عدة سنوات من العمل بشكل مؤقت في التدريس، استطاعت الحصول على وظيفة ثابتة كمدرسة، وكان وضعنا المادي بشكل عام جيد.

لكن أسوء من واجه أمي هو القدرة على التوفيق بين الإنفاق على البيت بالعمل وتربيتنا بدون مساعدة تقريباً إلا في الحالات النادرة، ومهما بلغت مساعدة الغير فلن تكون مثل تعاون الأب والأم في إدارة شؤون حياتهم ورعاية أبنائهم.

فالأب والأم في البيت كجنانين طائر، كل منهما يساهم في خلق التوازن في البيت، وعدم طغيان جانب على آخر، فالأمهات بشكل عام يكن هن الأكثر حناناً وشفقة على أولادهن من الآباء، ويكون الجانب العاطفي هو المسيطر عليهن وعلى تربية أبنائهن أكثر من الآباء، الذين يتميزون بقدرتهم على السيطرة على البيت وضبط أموره بشكل عام، ويكونون هم الجانب الأكثر عقلانية في تربية الأبناء، فالجانب العقلاني يسيطر على الآباء أكثر من الجانب العاطفي، وهذا ليس في كل الحالات فأحياناً تنعكس الأدوار والجوانب بين الآباء والأمهات.

لقد كان الاختلال واضحاً في بيتنا، رغم كل محاولات أمي التوفيق بين دوري الأم والأب، لكن لا طاقة لأحد بذلك، فللأم دور وللأب دور وهما يتشاركان معا في تربية أبنائهم أفضل تربية، وتحقيق التوازن في حياة أطفالهم بين جانبي العاطفة والعقل.

لقد كان القيام بالدورين منهكاً لوالدتي جداً، ما أثر على صحتها الجسدية لتنهشها الأمراض من كل جانب، وتعرض خلال السنوات التي تلت وفاة والدي لعدة أمراض أنهكت جسدها بشكل كبير، وكنت قد كبرت ووعيت وبدأت في تحمل بعض المسؤولية مع والدتي وخاصة خلال آخر 4 سنوات من حياتها، حين أصابها مرض في قدميها سبب لها الكثير من الآلام المضنية، ولتنتهي برحلة علاج إلى مصر ذاقت خلالها الكثير من الأوجاع والآلام، ولتفارق روحها النقية جسدها الطاهر، بعد أن أكملت تربيتنا ولتسلمني أمانة رعاية أخوتي والمحافظة عليهم بصفتي الابن الأكبر والأقدر على هذه المهمة.

لقد مرت ذكرى وفاتها السنوية الأولى قبل أيام قليلة، ومازال ألم فراقها يؤلم روحي ويوجع قلبي، رحمك الله يا أمي وجعلكِ من أهل الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.

وخلاصة تجربتي بعد فقدان والدي وثم والدتي بعد ذلك ب 15 عاماً، أن لا الأب أو الأم يستطيع أي منهما القيام بالدوري معا، ومهما حاولوا سيبقى هناك جانب ناقص في حياة البيت، فالأب والأم كجناحين طائر لا يستقيم توازنه إلا بتواجدهما وتعاون هما معاً
 
عودة
أعلى